رسوم ترامب على الأفلام: حماية للصناعة أم عـ زلة ثقافية؟

08:03 ص ,06 مايو 2025

في خطوة فجّرت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الثقافية والسينمائية حول العالم، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن توجيه إدارته لفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على كافة الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة، في ما يُنظر إليه كتصعيد غير مسبوق ضد العولمة الثقافية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من بنية الصناعة السينمائية المعاصرة.

وقال ترامب في بيان صدر الأحد: "لقد طلبت البدء فورًا بفرض رسوم جمركية على جميع الأفلام الأجنبية التي تُعرض في الولايات المتحدة"، معتبرًا أن قطاع السينما الأميركي يواجه "موتًا بطيئًا"، في ظل ما وصفه بـ"المنافسة غير العادلة" من دول تقدم تسهيلات وحوافز ضخمة لجذب استوديوهات الإنتاج الأميركية.

القرار، رغم غياب التفاصيل الدقيقة بشأن آليات تطبيقه أو موعد دخوله حيز التنفيذ، أحدث صدمة واسعة في قطاع يعتمد بشكل كبير على التعاون الدولي، والإنتاج المشترك، وتبادل المواقع والخبرات. وتوقع خبراء أن تُجبر الشركات إما على تحمّل تكاليف إضافية مرهقة، أو نقل كامل عمليات الإنتاج إلى الداخل الأميركي، وهو ما قد لا يكون ممكنًا أو مجديًا اقتصاديًا في العديد من الحالات.

ووصف وكيل أعمال بريطاني - فضّل عدم الكشف عن هويته- في تصريح لموقع "سكرين ديلي" ، القرار بأنه "قد يكون كارثيًا لصناعة السينما العالمية"، بينما حذر ماثيو دينر، مدير منظمة منتجي المرئي والمسموع في أستراليا، من أن "الغموض المحيط بالإجراء يهدد بإحداث اضطرابات عميقة في سلاسل إنتاج وتوزيع الأفلام".

وتسعى العديد من الدول منذ سنوات إلى جذب إنتاجات هوليوودية إلى أراضيها من خلال حوافز ضريبية، كما هو الحال في كندا والمملكة المتحدة وإسبانيا وأيرلندا والمجر، مما أدى إلى نشوء بنى تحتية متكاملة ووظائف تُقدّر بالآلاف. لكن القرار الأميركي الجديد يهدد بتقويض هذه المنظومة.

بدورها.. حذرت إيفلين سنو، الناطقة باسم نقابة فنيي الأفلام الكندية، من أن "الإنتاجات الأميركية في مونتريال وحدها توفر ما يصل إلى ألفي وظيفة"، مؤكدة أن فرض هذه الرسوم قد يكون له أثر مدمّر على الاقتصاد المحلي في مقاطعة كيبيك.

وفي فرنسا، دعا مدير المؤسسة العامة لدعم السينما غايتان برويل الأوروبيين إلى "الاستعداد لأسوأ السيناريوهات"، معتبرًا أن القرار الأميركي هو بمثابة "هجوم على النموذج الثقافي الأوروبي المدعوم من الدولة".

ورغم أن القرار صدر باسم حماية "السينما الأميركية"، إلا أن أوساط هوليوود نفسها لم تُبدِ دعمًا واضحًا له. فقد نشرت مجلة "فراييتي" الثقافية تقريرًا طرحت فيه سبعة أسئلة حول مستقبل المشروع، وجاء في أحدها: "من المستفيد؟ ليس هوليوود بالتأكيد. صالات السينما تكافح للتعافي من آثار الجائحة، وآخر ما تحتاجه هو عبء ضريبي إضافي".

أما صحيفة "نيويورك تايمز"، فقد أجرت مؤخرًا تحقيقًا موسّعًا حول آثار نقل الإنتاجات خارج الولايات المتحدة، وربطت بين هذا التحول وتراجع فرص العمل للطبقة المتوسطة في لوس أنجليس، مشيرة إلى تشابه محتمل مع مصير صناعة السيارات في ديترويت، حيث بقيت المقرات وذهبت المصانع.

فبينما يتّجه العالم نحو مزيد من التداخل الثقافي، قد تكون الولايات المتحدة بصدد اتخاذ مسار معاكس، يضع صناعة السينما أمام اختبار عسير، بين الالتزام بالسياسات الحمائية أو الحفاظ على روح الانفتاح والإبداع العابرة للحدود.

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2025

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com