كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة، عن أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحول من "رائد لأفكار التكامل الأوروبي" إلى "شخص ممل يفسد أجواء الحماسة الجماعية" داخل الاتحاد، وذلك بسبب انشغاله المتزايد بالتحديات والأزمات السياسية الداخلية التي تعصف بفرنسا.
ومع انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل ، غدا الخميس، نقلت مجلة "بوليتيكو" عن نحو عشرة دبلوماسيين ومسؤولين من دول أعضاء مختلفة اتفاقهم على أن ماكرون لم يعد القائد الأوروبي الذي عرفوه من قبل، مشيرين إلى أن تركيزه على تأمين إرثه السياسي في الداخل بدأ يبطئ التقدم الأوروبي بدلا من أن يكون قاطرته.
وأكد الدبلوماسيون، أن حالة انعدام الاستقرار السياسي في باريس تضعف تأثيرها الأوروبي بشكل عام، حتى بمعزل عن شخص الرئيس. وتتجلى هذه الأزمة في تغيير منصب رئيس الوزراء خمس مرات خلال العامين الماضيين فقط. وعلق أحد الدبلوماسيين الأوروبيين، رافضا الكشف عن هويته، بالقول: "إذا لم يكن لديك حكومة فاعلة طوال ثمانية عشر شهرا، فستفقد تأثيرك في صنع القرار الأوروبي".
ووفقا لـ"بوليتيكو"، فقد رفض ماكرون مؤخرا سلسلة من المبادرات الأوروبية الطموحة أو تعامل معها بحذر، خوفا من أن تثير ردود فعل سلبية لدى الرأي العام الفرنسي، وهو ما يتعارض بشكل صارخ مع رؤيته السابقة.
ومن أبرز هذه المبادرات التي عرقلها ماكرون: اقتراح بناء "جدار من الطائرات المسيرة" لتأمين المجال الجوي في شرق الحلف. تبسيط إجراءات انضمام أعضاء جدد إلى الاتحاد. الدعوة إلى تطبيق أشد صرامة للمعايير البيئية في التعاون الدولي.
وأوضح أحد المقربين من الرئيس أن ماكرون يفتقر حاليا إلى رأس المال السياسي اللازم لدفع أجندته الطموحة، خصوصا وأن أي خطوة قد تستغل من قبل اليمين المتطرف، وعلى رأسه مارين لوبان، لتعزيز شعبيته.
وقال المصدر: "الوضع غير موات على الإطلاق؛ اليمين المتطرف يلاحقنا من الخلف. الحديث عن انضمام دول مثل ألبانيا أو الجبل الأسود إلى الاتحاد الأوروبي سيكون هدية مجانية للوبان. أما انضمام أوكرانيا، فسيؤدي فوراً إلى احتجاجات عارمة من المزارعين الفرنسيين".
ورغم أن فكرة "الاستقلالية الاستراتيجية لأوروبا"، التي طرحها ماكرون بقوة في 2017، أصبحت اليوم جزءا من الخطاب الرسمي للاتحاد، إلا أن ماكرون نفسه لم يعد يدافع عنها بانشغاله بـ "تأمين إرثه السياسي" في الداخل.
واختتمت "بوليتيكو"، تقريرها بالقول إن العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين يشككون في قدرة الرئيس الفرنسي على استعادة دوره القيادي السابق، حتى لو نجح في الخروج من أزمته الحالية، حيث بدأ بعضهم يتحدث عنه بصيغة الماضي، رغم أنه سيظل رئيسا لفرنسا حتى عام 2027.