كشفت صحيفة "بوليتيكو"، عن أن مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن 2026"، أمام أخطر أزمة في تاريخها بعد تهديد عدد متزايد من الدول الأوروبية بمقاطعة إسرائيل احتجاجًا على حرب غزة.
الصحيفة الأمريكية أوضحت أن هذه الأزمة كشفت انقسامًا عميقًا بين المواقف الثقافية والسياسية في أوروبا، حيث يمتد الغضب من ساحات الموسيقى إلى الرياضة، ويضع مسابقة الغناء الشهيرة على حافة المواجهة السياسية.
اقرأ ايضا: "ألعاب مفخخة".. هكذا تقتل إسرائيل "أطفال غزة" حتى بعد وقف النار
وبحسب "بوليتيكو"، يرى خبراء أن ردود الفعل الأوروبية ضد إسرائيل، تصاعدت في الأسابيع الأخيرة، مع دعوة رئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز، لمنع إسرائيل من المشاركة في الفعاليات الرياضية الدولية، واستبعاد مهرجان بلجيكي لقائد أوركسترا إسرائيلي، وتزايد الطلبات لطرد إسرائيل من مسابقة الأغاني.
غير أن أوروبا تواجه الآن تحديًا كبيرًا في تحديد ما إذا كانت العقوبات الثقافية ضد الفنانين والرياضيين الإسرائيليين شرعية؛ فبعض الحكومات الأوروبية ترى أن هذه الإجراءات استجابة متناسبة لحرب غزة، بينما يرى مسؤولون إسرائيليون ومجموعات يهودية أن هذه الخطوات قد تنزلق نحو معاداة السامية.
ورغم أن "يوروفيجن" مقرر إقامتها في مايو القادم بالعاصمة النمساوية فيينا، إلَّا أن المسابقة التي تصِف نفسها بأنها "غير سياسية"، والتي يديرها اتحاد البث الأوروبي (EBU) المكون من 113 عضوًا في 56 دولة، تبدو مهددة بالجدل منذ الآن؛ بسبب مشاركة إسرائيل.
وفي السياق، قال المدير العام للمسابقة، مارتن غرين، إن المنظمة "ما تزال تتشاور" مع أعضاء الاتحاد بشأن كيفية إدارة المشاركة والتوترات الجيوسياسية المحيطة بـ"يوروفيجن"، مضيفًا: "نحن نفهم المخاوف والآراء العميقة حول الصراع الجاري في الشرق الأوسط".
فيما قال "بول جوردان"، خبير طويل الأمد في "يوروفيجن" والمعروف باسم Dr. Eurovision: "كانت هناك لحظات سياسية عديدة، وما عانى منه الاتحاد هو تطبيق القواعد باستمرار، لكن الوضع الحالي غير مسبوق؛ فهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها مجموعة من الدول عن عدم مشاركتها بسبب دولة أخرى.. أعتقد أن هذا التحدي هو الأكبر في تاريخ يوروفيجن".
إسبانيا بدورها انضمت مؤخرًا إلى هذه الاحتجاجات؛ حيث صوتت أغلبية أعضاء مجلس إدارة هيئة البث العامة RTVE على الانسحاب من نسخة 2026 إذا سُمِح لإسرائيل بالمشاركة، وتأتي هذه الخطوة في سياق تصعيد التوتر بين مدريد وتل أبيب، بعد خلافات حول العقوبات وحظر الأسلحة والاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في سباق للدراجات.
ويرى مراقبون أن إعلان إسبانيا تزامن مع تقريرٍ أصدرته لجنة الأمم المتحدة، أكد ارتكاب إسرائيل "إبادة جماعية" في غزة؛ ما يضع اتحاد البث الأوروبي في موقف حرج، إذ أن إسبانيا واحدة من أكبر خمسة مساهمين ماليين في الاتحاد، ما يضمن لها تلقائيًّا مقعدًا في نهائي "يوروفيجن"، وإذا شاركت إسرائيل في النسخة الـ70، فقد تغيب إسبانيا عن النهائي لأول مرة منذ مشاركتها الأولى عام 1961.
في المقابل، أكدت هيئة البث الإسرائيلية "كان"، أن تل أبيب مستعدة للمشاركة في مايو القادم و"ملتزمة بالكامل بالقواعد"، واعتبر وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهار، تهديدات الانسحاب من عدة دول بأنها "خطوة مخزية تتناقض مع قيم المنافسة وروح التواصل التي تقوم عليها المسابقة".
اقرأ ايضا: توني بلير على باب "اليوم التالي" للحرب.. هكذا ستدار غزة عبر مؤسسة "غيتا"
جدير بالذكر أن الدول الأخرى التي هددت بالانسحاب تشمل إيرلندا وسلوفينيا وهولندا، فيما أبدت آيسلندا موقفًا أقل تشددًا، مشيرة إلى أن انسحابها محتمل إذا شاركت إسرائيل، وهذه التحركات جاءت على خلفية المعاناة الكبيرة في غزة جراء القصف الإسرائيلي، إلى جانب تدهور حرية الصحافة واستهداف الصحفيين.